الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
<تنبيه> قال بعض العارفين: كن عمريّ الفعل فإن الفاروق يقول من خدعنا في اللّه انخدعنا له فإذا رأيت من يخدعك وعلمت أنه مخادع فمن مكارم الأخلاق أن تنخدع له ولا تفهمه أنك عرفت خداعه فإنك إذا فعلت ذلك فقد وفيت الأمر حقه لأنك إنما عاملت الصفة التي ظهر لك فيها والإنسان إنما يعامل الناس لصفاتهم لا لأعيانهم، ألا تراه لو كان صادقاً مخادعاً فعامله بما ظهر منه وهو يسعد بصدقه ويشقى بخداعه فلا تفضحه بخداعه وتجاهل وتصنع له باللون الذي أراه منك وادع له وارحمه عسى اللّه أن يرحمه بك فإذا فعلت ذلك كنت مؤمناً حقاً فالمؤمن غر كريم لأن خلق الإيمان يعطى المعاملة بالظاهر والمنافق خب لئيم أي على نفسه حيث لم يسلك بها طريق نجاتها وسعادتها. - (د) في الأدب (ت) في البر (ك) في الإيمان من حديث الحجاج بن قرافصة (عن أبي هريرة) ثم قال الحاكم: الحجاج عابد لا بأس به انتهى. وقال المنذري: لم يضعفه أبو داود ورواته ثقات سوى بشر بن رافع وقد وثق وقال ابن الجوزي: فيه بشر بن رافع قال ابن حبان: روى أشياء موضوعة كأنه يتعمدها لكن روي من طرق آخر لا بأس بها اهـ وحكم القزوبني بوضعه ورد عليه ابن حجر وقال: هو لا ينزل عن درجة الحسن وأطال. 9150 - (المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد اللّه) لأن الدنيا سجنه وأمنية المسجون إخراجه من سجنه فعينه ممتدة إلى باب السجن فإذا استشرف الإذن له بالخروج حمد اللّه على خلاصه من السجن وشوق إلى ربه ولهذا لما أحس معاذ بالموت قال: مرحباً بحبيب جاء على ناقة لا أفلح من ندم الحمد للّه. - (ن عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه. 9151 - (المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد) إشارة إلى أن المؤمن الكامل في نعوت الإيمان الجامع لمكارمه من علم وعمل وتوكل وطمأنينة إلى ربه ومحبة المؤمنين فيه وإقبالهم عليه في أهل الإيمان المتحققين بأخلاق الإيمان بمنزلة الرأس في الجسد (يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس) هذا بيان لوجه الشبه فمن آذى مؤمناً واحداً فكأنما آذى جميع المؤمنين ومن قتل واحداً فكأنما أتلف من الجسد عضواً وآلم جميع أعضاء ذلك الجسد ففرض على أهل الإيمان تعظيمه ورفع محله وحمل مؤونته وحفظ جانبه والتألم لألمه والسرور بسلامته والاستضاءة بنوره إلى غير ذلك وأعضاؤه مع الرأس كالجسد، ونقل العارف الشعراوي عن الخواص أن من ادعى مشاركة المسلمين في همومهم وأمراضهم ورجح ألم بدنه من البلاء النازل عليه على البلاء النازل على غيره فدعواه كمال الإيمان غير صحيحة، قال الشعراوي: وربما [ص 255] أشارك المريض في ألم النزع والمطلقة في الولادة والمعاقب في بيت الوالي في المقارع ولبس الخودة المحماة حتى أحس بدهن رأسي سائلاً على وجهي لكنه داخل الجلد. - (حم عن سهل بن سعد) رمز لحسنه قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي: رجاله رجال الصحيح، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد اللّه بن مصعب بن ثابت وهو ثقة ورواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله رجال الصحيح اهـ. 9152 - (المؤمن مكفر) أي مرزء في نفسه وماله ليكفر خطاياه فيلقى اللّه سبحانه وقد خلصت سبيكة إيمانه من خبثها وقيل معناه يصطنع المعروف فلا يشكر. - (ك) في الإيمان (عن سعد) بن أبي وقاص وقال: غريب صحيح ما خرجاه لجهالة محمد بن عبد العزيز راويه. 9153 - (المؤمن يسير المؤونة) أي قليل الكلفة على إخوانه زاد القضاعي في رواية كثير المعونة قال العامري: حسب المؤمن التوقي في مراتب الإيمان فشاهد بكماله نور الغيب كالعيان ورأى جمال الجنة وتعاهدها وشين الدنيا وفناءها فاقتصر في مهماته على يسير مؤونتها تورعاً من الحرام خوف العقاب وعن الشبهات خشية العقاب وعن كثير من المباحات تخفيفاً لمؤونة الوقوف عند الحساب. - (حل) عن محمد بن الحسن عن مخلد بن جعفر عن محمد بن سهل العطار عن مضارب بن يزيد الكلبي عن أبيه عن ابن يوسف الغرياني عن إبراهيم بن أدهم عن محمد بن عجلان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث إبراهيم وابن عجلان لم نكتبه إلا من حديث مضارب اهـ. وقال ابن الجوزي: موضوع ومحمد بن سهل كان يضع الحديث وتعقبه المؤلف بأن له طريقاً آخر عند البيهقي وهو ما ذكره هنا بقوله (هب) عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن أبي حكيم الأنصاري عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يعقوب عن عقبة عن المغيرة بن الأخفش (عن أبي هريرة). 9154 - (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) ومن ثم عدوا من أعظم أنواع الصبر الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم، واعلم أن اللّه لم يسلطهم عليك إلا لذنب صدر منك فاستغفر اللّه من ذنبك، واعلم أن ذلك عقوبة منه تعالى وكن فيما بينهم سميعاً لحقهم أصم عن باطلهم نطوقاً بمحاسنهم صموتاً عن مساوئهم، لكن احذر مخالطة متفقهة الزمان ذكره الغزالي، وقال الذهبي في الزهد: مخالطة الناس إذا كانت شرعية فهي من العبادة وغاية ما في العزلة التعبد فمن خالطهم بحيث اشتغل بهم عن اللّه وعن السنن الشرعية فذا بطال فليفرّ منهم، واستدل به البعض على أن حج التطوع أفضل من صدقة النفل لأن الحج يحتاج لمخالطة الناس، قال حجة الإسلام: وللناس خلاف طويل في العزلة والمخالطة أيهما أفضل مع أن كلاً منهما لا ينفك عن غوائل تنفر عنها وفوائد تدعو إليها وميل أكثر العباد والزهاد إلى اختيار الغزلة وميل الشافعي وأحمد إلى مقابله وساتدل كل لمذهبه بما يطول والإنصاف أن الترجيح يختلف باختلاف الناس فقد تكون العزلة لشخص أفضل والمخالطة لآخر أفضل فالقلب المستعد للإقبال على اللّه المنتهى لاستغراقه في شهود الحضرة: العزلة له أولى والعالم بدقائق الحلال والحرم مخالطته للناس ليعلمهم وينصحهم في دينهم أولى وهكذا، ألا ترى إلى تولية النبي صلى اللّه عليه وسلم لخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من امرائه وقوله لأبي ذر إني أراك رجلاً ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تتأمر على اثنين ـ الحديث. - (حم خد ت) في الزهد بسند جيد كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب لكن الترمذي لم يسم الصحابي بل قال: عن شيخ من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال الحافظ العراقي: [ص 256] والطريق واحد، رمز لحسنه وهو كذلك، فقد قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن. 9155 - (المؤمن أكرم على اللّه من بعض ملائكته) لأن الملائكة ليست لهم شهوة تدعو إلى قبيح ولا أنفس خبيثة والمؤمن قد سلطت عليه الشهوة المهلكة والشيطان والنفس الأمارة بالسوء التي هي أعظم أعدائه فهو أبداً في مقاساة وشدائد والأجر والكرامة على قدر المشقة والمراد بالمؤمن الكامل وبعض الملائكة عوامهم فخواص المؤمنين أفضل من عوام الملائكة قال الحسن: المؤمن لو لم يذنب لكان يطير في الملكوت لكن اللّه قمعه بالذنوب وقال الإمام الرازي: سمى اللّه المؤمن ثالث نفسه في عشرة مواضع في المراقبة والولاية والموالاة والصلاة والعزة والطاعة والمشاقة والأذى والالتجاء والشهادة وقال ابن العربي: قد انحصر في الإنسان حقائق العالم بما هو إنسان لم يتميز عن العالم إلا بصغر الحجم فقط وهو قسمان قسم لم يقبل الكمال فهو من جملة العالم غير أنه مجموع العالم المختصر الوجيز من الطول البسيط وقسم قبل الكمال فظهرت فيه صفات الجلال والجمال فصار الأفضل الأكرم على اللّه بكل حال. - (ه) من رواية أبي المهزم يزيد بن سفيان (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: وأبو المهزم تركه شعبة وضعفه ابن معين. 9156 - (المؤمن أخو المؤمن) أي في الدنيا - (ابن النجار) في تاريخه (عن جابر) بن عبد اللّه. 9157 - (المؤمن لا يثرب عليه شيء أصابه في الدنيا إنما يثرب على الكافر) والتثريب والتقريع والتوبيخ قاله في قصة أبي الهيثم بن التيهان حين أكل عنده لحماً وبسراً ورطباً وماءاً عذباً فقيل يا رسول اللّه هذا من النعيم الذي يسأل عنه يوم القيامة فقال ذلك، كذا في الفردوس. - (طب عن ابن مسعود) وفيه عمرو بن مرزوق أورده الذهبي في الضعفاء قال: وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ووثقه غيره والكلبي تركه القطان وابن مهدي. 9158 - (المؤمن كيس) أي عاقل والكيس العقل (فطن) حاذق والفطنة حدة البصيرة في بذل الأمور يفطن بزيادة نور عقله إلى ما غاب عن غيره فيهدم دنياه ليبني بها أخراه ولا يهدم أخراه ليبني بها دنياه (حذر) أي مستعد متأهب لما بين يديه متيقظ لما يهجم عليه قالوا والمراد بالمؤمن هنا الكامل الذي وقفته معرفته على غوامض [ص 257] الأمور حتى صار حازماً يحذر ما سيقع فلا يؤتى من جهة الغفلة، سئل ابن عباس عن عمر فقال: كان كالطير الحذر يرى أن له في كل موضع شركاً وهذا أدب شريعة، نبه النبي صلى اللّه عليه وسلم أمته كيف يحذرون مما يخافون سوء عاقبته وتمام الحديث كما في الأمثال وغيرها وقاف متثبت عالم ورع إذا ذكر تذكر وإذا علم تعلم، والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا يرعوي عن محرم كحاطب ليل لا يبالي من أين كسب وفيما أنفق. - (القضاعي) في مسند الشهاب وكذا العسكري في الأمثال (عن أنس) بن مالك قال العامري: حسن غريب وليس فيما زعمه بمصيب بل فيه أبو داود النخعي كذاب قال في الميزان: عن يحيى كان أكذب الناس ثم سرد له عدة أخبار هذا منها قال ابن عدي: أجمعوا على أنه كان وضاعاً ورواه الديلمي في مسند الفردوس أيضاً وزاد وقاف متثبت لا يعجل عالم ورع والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا عند محرم كحاطب ليل لا يبالي من أي كسب ولا فيما أنفق. 9159 - (المؤمن هين) من الهون بفتح الهاء السكينة والوقار (لين) بتخفيف لين على فعل من اللين ضد الخشونة، قيل يطلق على الإنسان بالتخفيف وعلى غيره على الأصل كما في الكشاف، وفي المثل إذا عز أخوك فهن ومعناه إذا عاسر فياسر اهـ. (حتى تخاله من اللين أحمق) أي تظنه من كثرة لينه غير متنبه لطريق الحق. <تنبيه> في هذا الخبر إشارة إلى مقام التكوين وهو أن يكون حال العبد السالك بين التجلي والاستتار بين الجذب والسلوك ومن ذلك تستقيم عبوديته ويعطى المعرفة باللّه ولهذا قيل المؤمن يتلون في يومه سبعين مرة وذلك بحسب تجليات الحق عليه والمنافق يثبت على قدم واحد تسعين سنة لكونه محجوباً بالمراسم الخلقية. - (هب) من حديث يزيد بن عياض عن صفوان عن الأعرج (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه تفرد به يزيد بن عياض وليس بقوي وروي من وجه صحيح مرسلاً اهـ وقال الذهبي في الضعفاء: يزيد بن عياض قال النسائي وغيره: متروك. 9160 - (المؤمن واه راقع) أي واه لدينه بالذنوب رافع له بالتوبة فكلما انخرق دينه بالمعصية رقعه بالتوبة قال الزمخشري: شبهه بمن وهى ثوبه فيرقعه وقد وهى الثوب إذا بلى (فالسعيد) وفي رواية فسعيد وفي أخرى فخيرهم (من مات عل رقعه) أي من مات وهو راقع لدينه بالتوبة والندم قال الغزالي: فمعاودة الذنب مع رقعه بالتوبة المرة بعد المرة لا يلحق صاحبها بدرجة المصرين ومن ألحقه بها فهو كفقيه يؤيس المتفقة عن نيل درجة الفقهاء بفتور عن التكرار في أوقات نادرة وذا يدل على نفصان الفقيه، فالكامل هو من لا يؤيس ا لخلق عن درجات السعادة بما يتفق لهم من الفترات ومقارفة السيئات. - (البزار) في مسنده وكذا الطبراني في الصغير والأوسط والبيهقي في الشعب فإغفاله لهؤلاء غير جيد كلهم (عن جابر) قال الزين العراقي تبعاً للمنذري: سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي فقال: فيه عند الثلاثة سعيد بن خالد الخزاعي وهو ضعيف. 9161 - (المؤمن منفعة) أي كل شؤونه نفع لإخوانه (إن ماشيته نفعك) بإرشاد الطريق والأنس والاستفادة ونحو ذلك (وإن شاورته) فيما يعرض لك من المهمات التي يضطرب رأيك فيها (نفعك) بإشارته عليك بما ينفعك (وإن شاركته) في أمر دنيوي أو غيره (نفعك) بمعرفته وتحمل المشاق عنك (وكل شيء من أمره منفعة) تعميم بعد تخصيص. <تنبيه> قال الراغب: لما احتاج الناس بعضهم إلى بعض سخر اللّه كل واحد من كافتهم لصناعة ما يتعاطاه وجعل بين طبائعهم وصنائعهم مناسبات خفية واتفاقات سماوية ليؤثر الواحد بعد الواحد حرفة ينشرح صدره بملابستها وتطيعه قواه لمزاولتها فإذا [ص 258] جعل اللّه صناعة أخرى فربما وجد متبلداً فيها ومتبرماً بها سخرهم اللّه لذلك لئلا يختاروا كلهم صناعة واحدة فتبطل الأقوات والمعاونات ولولا ذلك ما اختاروا من الأسماء إلا أحسنها ومن البلاد إلا أطيبها ومن الصناعات إلا أجملها ومن الأفعال إلا أرفعها ولتشاجروا على ذلك، ولكن اللّه بحكمته جعل كلاً منهم في ذلك مجبراً في صورة مخير والناس إما راض بصنعته لا يبغي عنها حولاً. - (حل عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال: غريب بهذا اللفظ تفرد به ليث بن أبي سليم عن مجاهد وهو ثابت صحيح. 9162 - (المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة) أي حدوثه له (كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة) ويكون ذلك كله (كما يشتهي) من جهة القدر والشكل والهيئة وغيرها والمراد أن ذلك يكون إن اشتهى كونه لكنه لا يشتهي ذلك فلا يولد له فلا تعارض بينه وبين خبر العقيلي بسند صحيح إن الجنة لا يكون فيها ولد. - (حم ت ه حب عن أبي سعيد) الخدري، قال في الميزان: تفرد به سعيد بن خالد الخزاعي وقد ضعفه أبو زرعة وغيره. 9163 - (المؤمنون هينون لينون) قال ابن الأعرابي: تخفيفهما للمدح وتثقيلهما للذم، وقال غيره: هما سواء والأصل التثقيل كميت وميت والمراد بالهين سهولته في أمر دنياه ومهمات نفسه أما في أمر دينه فكما قال عمر فصرت في الدين أصلب من الحجر، وقال بعض السلف: الجبل يمكن أن ينحت منه ولا ينحت من دين المؤمن شيء، واللين لين الجانب وسهولة الانقياد إلى الخير والمسامحة في المعاملة (كالجمل) أي كل واحد منهم. قال الزمخشري: ويجوز جعله صفة لمصدر محذوف أي لينون ليناً مثل لين الجمل (الأنف) بفتح الهمزة وكسر النون من أنف البعير إذا اشتكى أنفه من البرة فقد أنف على القصر وروي آنف بالمد. قال الزمخشري: والصحيح الأول اهـ. وبالغ في شرح المصابيح فقال المد خطأ قال ابن الكمال: مدحهم بالسهولة واللين لأنهما من الأخلاق الحسنة على ما نطق به الكتاب المبين - (ابن المبارك) في كتاب الزهد والرقائق من حديث سعيد بن عبد العزيز (عن مكحول مرسلاً هب) عن عبد اللّه بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه القضاعي أيضاً، وقال العامري: إنه حسن، وقضية صنيع المصنف أن مخرجه خرجه ساكتاً عليه والأمر بخلافه فإنه خرج المرسل أولاً ثم هذا ثم قال المرسل أصح اهـ. وذلك لأن في المسند عبد اللّه بن عبد العزيز بن أبي رواد أورده الذهبي في الضعفاء، وقال: قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة، وقال ابن الجنيد: لا يساوي فلساً وقال العقيلي في الضعفاء: هذا الحديث من منكرات عبد العزيز، وقال ابن طاهر: لا يتابع على رواياته. [ص 259] 9164 - (المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله وإن اشتكى عينه اشتكى كله) أفاد تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والتعاضد في غير إثم ولا مكروه ونصرتهم والذب عنهم وإفشاء السلام عليهم وعيادة مرضاهم وشهود جنائزهم وغير ذلك، وفيه مراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر وكل ما تعلق بهم بسبب حتى الهرة والدجاجة ذكره الزمخشري قال ابن عربي: ومع هذا التمثيل فأنزل كل أحد منزلته كما تعامل كل عضو منك بما يليق به وما خلق له فتغض بصرك عن أمر لا يعطيه السمع وتفتح سمعك لشيء لا يعطيه البصر وتصرف يدك في أمر لا يكون لرجلك وكذا جميع قواك فنزل كل عضو منك فيما خلق له وإذا ساويت بين المسلمين فأعط العالم حقه من التعظيم والإصغاء لما يأتي به والجاهل حقه من نذكيره وتنبيهه على طلب العلم والسعادة والغافل حقه بأن توقظه من نوم غفلته بالتذكر لما غفل عنه مما هو عالم له غير مستعمل لعلمه فيه والسلطان حقه من السمع والطاعة فيما يباح والصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة والكبير حقه من الشرف والتوقير. - (حم م) في الأدب (عن النعمان بن بشير) ولم يخرجه البخاري بهذا اللفظ بل بما يقرب منه. 9165 - (الماهر بالقرآن) أي الحاذق به الذي لا يتوقف ولا يشق عليه قراءته لجودة حفظه وإتقانه ورعاية مخارجه بسهولة من المهارة وهي الحذق (مع السفرة) الكتبة جمع سافر من السفر وأصله من الكشف فإن الكاتب يبين ما يكتبه ويوضحه ومنه قيل للكتاب سفر بكسر السين لأنه يكشف الحقائق ويسفر عنها والمراد الملائكة الذين هم حملة اللوح المحفوظ سموا بذلك لأنهم ينقلون الكتب الإلهية المنزلة إلى الأنبياء منه كأنهم يستنسخونها وقيل لأنهم يسافرون إلى الناس برسالات اللّه (الكرام) جمع كريم (البررة) أي المطيعون جمع بار بمعنى محسن ومعنى كونه رفيقاً لهم أنه أحل مقامهم وأنزل منازلهم الرفيعة وأسكن مقاماتهم العالية من جوار الحق تعالى {إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر} على قوة هذه الحالة تقول - (ق د ه عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يروه من الأربعة إلا الاثنين والأمر بخلافه بل رووه جميعاً. 9166 - (المتباريان) أي المتعارضان بفعلهما في الطعام ليميز أيهما يغلب (لا يجابان ولا يؤكل طعامهما) تنزيهاً فتكره إجابتهما وأكله لما فيه من المباهاة والرياء ولهذا دعي بعض العلماء لوليمة فلم يجب فقيل له: كان السلف يجيبون قال: كانوا يدعون للمؤاخاة والمؤاساة وأنتم تدعون للمباهاة والمكافأة. - (هب عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضاً ابن لال والديلمي. [ص 260] 9167 - (المتحابون في اللّه) يكونون يوم القيامة (على كراسي من ياقوت حول العرش) لأنهم لما قدموا أمر اللّه والحب فيه على حظوظ النفوس الدنيوية الباعثة غالباً على المحبة لغير اللّه كالجمال والكرم والأفضال ونحو ذلك وأخلصوا محبتهم للّه ولم يشبها أحد منهم بحظ دنيوي استوجبوا هذا الإعظام وجوزوا بهذا الإكرام. - (طب عن أبي أيوب) الأنصاري رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد العزيز الليثي وقد وثق على ضعف فيه كثير اهـ. وأورده في الميزان في ترجمته من حديثه وقال: قال البخاري: منكر الحديث وأبو حاتم: لا يشتغل به والنسائي: ضعيف وابن حبان: اختلط آخراً فاستحق الترك اهـ. وقال العلائي: لا بأس بإسناده وروي بألفاظ متقاربة المعنى واختار المصنف منها هذا الطريق لكونه أحسنها إسناداً على ما فيه مما سمعته. 9168 - (المتشبع بما لم يعط) بالبناء للمجهول وفي رواية للعسكري بما لم ينل وأصل المتشبع الذي يظهر أنه شبعان وليس بشبعان ومعناه هنا كما قاله النووي وغيره أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست بحاصلة (كلابس ثوبي زور) أي ذي زور وهو من يزور على الناس فيلبس لباس ذوي التقشف ويتزيى بزي أهل الزهد والصلاح والعلم وليس هو بتلك الصفة، وأضاف الثوبين إلى الزور لأنهما لبسا لأجله وثنى باعتبار الرداء والإزار يعني أن المتحلي بما ليس له كمن لبس ثوبين من الزور فارتدى بأحدهما وتأزر بالآخرة ذكره القاضي تلخيصاً من قول الزمخشري المتشبع بموحدة على معنيين أحدهما المتكلف إسرافاً في الأكل وزيادة على الشبع، الثاني المشبعة بالشبعان وليس به وبهذا المعنى استعير للمتحلي بفضيلة وليس من أهلها ومشبه بلابس ثوبي زور أي ذي زور وهو من يزور على الناس بأن تزيى بزي أهل الزهد رياء وأضاف الثوبين إلى الزور لكونهما ملبوسين لأجله فقد اختصا به اختصاصاً يسوغ إضافتهما إليه وأراد أن المتحلي كمن لبس ثوبين من الزور ارتدى بأحدهما وائتزر بالآخر اهـ. وهو بمعنى قول بعضهم هو الذي يلبس ثياب الزهاد وباطنه مملوء بالفساد وكل منهما زور أي مخالف بالنسبة للآخر أو من يصل بكمية كمين ليرى أنه لابس قميصين أو من يلبس ثوبين لغيره موهماً أنهما له قال القرطبي: وكيف كان يتحصل منه أن تشبع المرأة على ضرتها بما لم يعطها زوجها حرام لأنه تشبه بمحرم قال في المطامح: وذا من بديع التشبيه وبليغه ومنه أخذ أنه ينبغي للعالم أن لا ينتصب للتدريس والإفادة حتى يتمكن من الأهلية ولا يذكر الدرس من علم لا يعرفه سواء شرط الواقف أم لا فإنه لعب في الدين وإزراء به قال الشبلي: من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه. - (حم ق د) في الأدب (عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق (م عن عائشة) قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت: إن لي زوجاً وضرة وإني أتشبع من زوجي أقول أعطاني وكساني كذا وهو كذب فذكره. 9169 - (المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحون) لفظ رواية أبي نعيم الطاحونة وذلك لأن الفقه هو المصحح لجميع العبادات وهي بدونه فاسدة فالمتعبد على جهل يتعب نفسه دائماً كالحمار وهو يحسب أنه يحسن صنعاً وفي تشبيهه بالحمار مذمة ظاهرة وتهجين لحاله كما في قوله - (حل) عن سهل بن إسماعلي الواسطي عن محمود بن محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي عن بقية عن ثور عن خالد بن معدان (عن واثلة) بن الأسقع ومحمد بن إبراهيم بن العلاء الدمشقي الزاهد قال في الميزان عن الدارقطني: كذاب وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه إلا للاعتبار كان يضع الحديث ثم ساق له أخباراً هذا منها وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح محمد بن إبراهيم وضاع وتعقبه المولف بأن له متابعاً. [ص 261] 9170 - (المتم الصلاة في السفر كالمقصر في الحضر) أي لا تصح صلاته، وبهذا أخذ الظاهرية وتمسك به أبو حنيفة فأوجب القصر في السفر ولقول عائشة فرضت الصلاة في السفر والحضر ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر ورد بأنه غير ثابت وإن سلم فليس بحجة أو منسوخ بالآية أو معارض بما روي أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قصر في السفر وأتم ولأنهما استويا في الصبح والمغرب وبأنه ليس بصريح في منع الزيادة. - (قط في الأفراد عن أبي هريرة) واعترضه ابن الجوزي في التحقيق بأن فيه بقية مدلس وشيخ الدارقطني فيه أحمد بن محمد بن مفلس كان كذاباً اهـ. قال في التنقيح: كأنه اشتبه عليه ابن المفلس هذا بآخر وهو أحمد بن محمد الصلت بن المفلس الحماني كذاب وضاع قال: والحديث لا يصح فإن رواته مجهولون إلى هنا كلامه، وأنت تعلم بعد إذ سمعته أنه كان ينبغي للمصنف عدم إيراده. 9171 - (المتمسك بسنتي) تمثيل للمعلوم بالمحسوس تصوير للسامع كأنه ينظر إليه ليحكم اعتقاده متيقناً فينجو (عند فساد أمّتي) حين يكون كما قال فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي فمن تمسك بها حينئذ (له أجر شهيد) وفي رواية البيهقي في الزهد مئة شهيد وذلك لأن السنة عند غلبة الفساد لا يجد المتمسك بها من يعينه بل يؤذيه ويهينه فيصيره على ما يناله بسبب التمسك بها من الأذى يجازى برفع درجته إلى منازل الشهداء قال الطيبي: وقال عند فساد أمتي ولم يقل فسادهم لأن أبلغ كأن ذواتهم قد فسدت فلا يصدر منهم صلاح ولا ينجع فيهم وعظ. - (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه محمد بن صالح العدوي ولم أر من ترجمه وبقية رجاله ثقات انتهى وقد رمز المصنف لحسنه. 9172 - (المتمسك بسنتي) التي هي شقيقة القرآن والوحي الثاني (عند اختلاف أمّتي كالقابض على الجمر) لأنه إذا عارض من تمكن من الرياسة ونفاذ قولهم عند الخلق فقد بارزهم بالمحاربة لسعيه في هتك سترهم وكشف عوراتهم وإبانة كذبهم وحط رئاستهم وذلك أعظم من القبض على النار إذ هو أعظم من محاربة الكفار فإن الكافر قد تعاون القلب والأركان على هلاكه وأولئك الفساق حرمة الإيمان معهم فيحتاج إلى التأني في أمورهم وملاطفتهم وأخذهم بالأخف فالأخف ومقاساة ذلك أشق من قبض الجمر لأن الجمر يحرق اليد وهذا يحرق القلب والكبد، وقد وقع للسبكي أنه دخل على بعض الأمراء وعليه خلعة من حرير فأخذ يلاطفه ويداعبه إلى أن قال له في أثناء المباسطة يا أمير لبس الصوف الغالي العالي أحسن منظراً عندي من هذا وأكثر رونقاً وطلاوة ومع ذلك يحل وذا يحرم فاستحسن الأمير كلامه وخلع الخلعة بطيب نفس فلما خرج وجد أعداؤه من طائفته فرصة فانتهزوها وقالوا: يا أمير ما قصد إلا الطعن عليك والتعريض بأنك تفعل المحرم فأدّى ذلك إلى عزله من منصبه وأوذي كثيراً، وبين بهذا الخبر أن المؤمن في آخر الزمان لا بد أنه يصيبه من الأذى على إيمانه ما أصاب الصدر الأول فإذا وجد في أهل هذا الزمن الأخير هذه الخصال التي كانت في أوائلهم جاز أن يساويهم في الخيرية فيكونوا فيها كهم ويكون المراد بخبر خير الناس قرني الخصوص في قوم منهم لا جميعهم ومعلوم أن قرنه كان منهم أبو جهل ومسيلمة وأضرابهما، ذكره في بحر الفوائد. - (الحكيم) الترمذي (عن ابن مسعود). 9173 - (المجالس بالأمانة) أي لا يشيع حديث جليسه إلا فيما يحرم ستره من الإضرار بالمسلمين ولا يبطن غير ما يظهر، ذكره جمال الإسلام أبو بكر محمد العامري الواعظ البغدادي في شرح الشهاب، قال: وفيه إشارة إلى مجالسة أهل الأمانة [ص 262] وتجنب أهل الخيانة اهـ. وقال العسكري: أراد المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم أن الرجل يجلس إلى القوم فيخوضون في حديث وربما كان فيه ما يكرهون فيأمنونه على سرهم فذلك الحديث كالأمانة عنده فمن أظهره فهو قتات وقال ابن الأثير: هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل فكان ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان وقد جاء في كل منها حديث. - (خط عن عليّ) أمير المؤمنين، وقضية كلام المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد عزاه هو في الدرر لابن ماجه من حديث جابر بهذا اللفظ ورواه بهذا اللفظ القضاعي في الشهاب، وقال العامري في شرحه وتبعه الحضرمي اليمني: حديث صحيح، وقال ابن حجر في الفتح: سنده ضعيف. 9174 - (المجالس بالأمانة) متعلق بمحذوف أي المجالس إنما تحسن أو حسن المجالس وشرفها بأمانة حاضريها على ما يقع من قول وفعل (إلا) الظاهر أنه استثناء منقطع (ثلاثة مجالس سفك) بالرفع خبر مبتدأ محذوف وكذا ما بعده تقديره أحدها سفك (دم حرام) أي إراقة دم سائل من مسلم بغير حق (أو فرج حرام) أي وطئه على وجه الزنا (أو اقتطاع مال) أي ومجلس يقتطع فيه مال لمسلم أو ذمي (بغير حق) شرعي يبيحه يعني من قال في مجلس أريد قتل فلان أو الزنا بفلانة أو أخذ مال فلان ظلماً لا يجوز للمستمعين حفظ سره بل عليهم إفشاؤه دفعاً للمفسدة، ذكره بعضهم، وقال القاضي: يريد أن المؤمن ينبغي إذا حضر مجلساً ووجد أهله على منكر أن يستر عوراتهم ولا يشيع ما يرى منهم إلا أن يكون أحد هذه الثلاثة فله فساد كبيرة واخفاؤه إضرار عظيم. - (د) في الأدب من حديث ابن أخي جابر (عن جابر) وقال المنذري: ابن أبي خالد مجهول قال: وفيه أيضاً عبد اللّه بن نافع الصائغ روى له مسلم وغيره وفيه كلام وقال الزين العراقي: وابن أخيه غير مسمى عنده وأما المؤلف فقد رمز لحسنه. 9175 - (المجاهد من جاهد نفسه) زاد في رواية في اللّه أي فهو نفسه الأمارة بالسوء على ما فيه رضا اللّه من فعل الطاعات وتجنب المخالفات وجهادها أصل جهاد العدو الخارج فإنه ما لم يجاهد نفسه لتفعل ما أمرت به وتترك ما نهيت عنه لم يمكنه جهاد العدو الخارج وكيف يمكنه جهاد عدوه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متسلط عليه؟ وما لم يجاهد نفسه على الخروج لعدوه لا يمكنه الخروج.
|